الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة «عصابات» داخل الجمعيات مهمّتها تلميع صورة الرئيس وتهديد المنتقدين وترويع الصحفيين!

نشر في  19 فيفري 2014  (10:15)

جرت العادة في جلّ الجمعيات الرياضية، أن لكل هيئة مديرة «شلّتها» التي تتكوّن من الأصدقاء والأحباب والمتعاطفين والمحبين الذين تكون مهمتهم تلميع صورة هذه الهيئة أو تلك، وكذلك توفير الحماية لها عند الشدائد والغصرات، قبل أن تتعمق هذه الظواهر السلبية بعد 14 جانفي 2011، حيث سعت العديد من الهيئات الى «انتداب» عناصر تعتبر خطيرة - في نظر المتتبعين للمشهد الرياضي-، من أصحاب السوابق العدلية و«باندية الحومة» الذين يهاجمون رواد الملاعب أو «الحديقة»، وفي هذا السياق سعت العديد من الهيئات وعدد لا بأس به من رؤساء الجمعيات الى الاستعانة بـ «خدمات» هؤلاء (أي الباندية) و«ترسيمهم» في الفريق في «وظيفة بلا مهمة».. وظيفة قذرة وخسيسة ترمز الى ضعف شخصية هذا المسؤول وعدم صفاء سريرة الآخر الذي اختار الانخراط في «منظومة» هذه «العصابات» ليحمي نفسه من ردة فعل الأحباء الغاضبين بسبب تراجع النتائج أو من طريقة تصريف شؤون الجمعية بـ «الرعواني والبعلي» أو بسبب الانتدابات الفاشلة والمشبوهة..

هذه «العصابات» المكلّفة بمهام دنيئة في أكثر من فريق أضحت مختصة في تنفيذ أوامر «أسيادها»، فتجدها مرة تهدّد وأخرى تتوعد وأحيانا قد تضرب وقد ترتكب أفظع أنواع الحماقات فقط من أجل المحافظة على «هيبة» الرئيس ويا ويل كل من يفكر في نقده أو انتقاده أو كشف أخطائه..
في كلمة، هذه الشرمذة الدخيلة على كرتنا أصبحت خطرا ليس على الجماهير الرياضية والاعلاميين والنقاد فقط، وإنما أيضا على اللاعبين الذين فيهم من اكتوى بنار هذه «العصابات» المدفوعة الأجر، هذه «العصابات» التي لا تتردّد في الخروج عن النص وترويع كل من يصدع بحقيقة «أسيادهم»..
«أخبار الجمهورية» فتحت هذه الملف وتحدّث فيه من عدة أطراف لها علاقة بالمشهد الرياضي فكانت هذه الاعترافات:
سهام العيادي :« بعض الرؤساء غابت عنهم الحنكة و«الكاريزما»
فغطوا عن عيوبهم بأصحاب العضلات «المفتولة»..
في سياق الحديث عن هذه الموضة التي استنبطها بعض رؤساء الاندية قالت الزميلة سهام العيادي رئيسة مصلحة الرياضة بالاذاعة الوطنية أنه فعلا هناك بعض رؤساء الجمعيات أصبحوا يوظفون بعض «الباندية» لترهيب كل من يخالفهم الرأي وينتقد طريقة عملهم، هذا علاوة على أن كل هيئة مديرة تجد عندها «جماعتهم» حتى من الوسط الاعلامي ليتكفلوا بالتغطية عن عيوبهم وتلميع صورهم..
من جهة اخرى أكدت سهام العيادي أن هذه العيوب ليست حكرا على مسيّري الاندية فقط، فحتى بعض الصحفيين انساقوا وراء هذه «الموضة» وأصبح نقدهم وطريقة كتاباتهم وتحاليلهم مجانبة للصواب.... وتتضمن بين سطورها الكثير من تصفية الحسابات، قبل أن تختم تدخلها بقولها: «هناك حقيقة دامغة لا يجب نكرانها وهي أن سلالة رؤساء الجمعيات والمسيرين أصحاب الهبة والوقار وقوة الشخصية على غرار المرحومين الشاذلي زويتن والهادي النيفر أو حامد القروي وعزوز لصرم تكاد تندثر من المشهد الرياضي وهو ما شجع بعض المسؤولين الحاليين على اعتماد أساليب يجوز وصفها بالقذرة لتعويض هذه النقائص وتخويف كل من يتجرأ على كشف «خنارهم» أو نقد سياساتهم الفاشلة في التسيير والانتدابات بواسطة «بيادقهم» من أصحاب العضلات المفتولة..
نادر داود :«الفشل في التسيير يشجع بعض المسؤولين
على استقطاب «العصابات» وأبواق الدعاية»..
أما المحلل الرياضي نادر داود فقد اعترف أن جل رؤساء الاندية أصبحوا مختصين في التنصّل من كل المسؤوليات أثناء الخيبات والفشل وصاروا يمسحون ذنوبهم في المدرب واللاعبين وغياب الموارد المالية وحتى الصحفيين الذين لا يتردّدون في نقد عديد الدخلاء عن التسيير الرياضي من أطباء ومحامين ورجال أعمال..
كما قال محدثنا إن هؤلاء المسيرين الفاشلين عوض البحث عن طرق رياضية لاصلاح نقائصهم ونقائص فرقهم تجدهم يلجؤون لأساليب ويستنجدون على سبيل المثال ببعض« العصابات» و«المرتزقة» ليكلفوهم بحمايتهم وتجييشهم على محاربة المنتقدين والصحفيين وكذلك ليلعبوا دور «أبواق دعاية» لـ «أسيادهم» مقابل حصولهم على بعض الامتيازات والمنافع الخاصة..
في ختام تدخله، أكد نادر داود ان ما قاله لا يعني من وراءه أن كل رؤساء الاندية على هذه الشاكلة بل هناك رؤساء محترمين وأصحاب عقليات نظيفة ولا علاقة لهم بهذه الممارسات السخيفة.
قيس عاشور (رئيس لجنة التنظيم في النجم الساحلي) «ممارسات
وليدة وجود رؤساء دخلاء على التسيير وصحافة استفزازية»
من جهته قال قيس عاشور رئيس لجنة التنظيم في النجم الساحلي ان رئيس ناديه ومسؤولي «ليتوال» لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بهذه «الخزعبلات» التي قد يأتيها بعض الرؤساء الدخلاء على التسيير الرياضي لتحقيق مصالح أخرى بعيدة كل البعد عن ميدان كرة القدم، وفي ذات السياق أوضح محدثنا ان هناك بعض الرؤساء حتى وإن رفضوا الانسياق وراء «موضة» استقطاب بعض «الباندية»، فإن هناك أطراف نجدها تعرض خدماتها على هذا الرئيس أو ذاك للتكفل ببعض المهام التي لا تشرف الكرة التونسية..
من جانب آخر حمل قيس عاشور المسؤولية أيضا الى ما أسماه بالصحافة الاستفزازية والتي ساهم أصحابها في توتير الأجواء وفي خلق حساسيات بين المسيّرين والصحفي والمحب، وفي حصول مناوشات وملاسنات بين هذه النوعية من الصحفيين وبين بعض رؤساء الاندية والمسيرين الرياضيين بشكل عام.
مهدي قاسم: «ممارسات لا يفعلها
إلا الدخلاء على التسيير الرياضي»..
بالنسبة للاعلامي مهدي قاسم فقد رأى أن هذه «التفاهات» الصادرة عن بعض رؤساء الاندية والمسيرين الرياضيين تعود لسنوات خلت قبل أن تستفحل «الموضة» بعض الثورة، حيث عمد بعض المسؤولين في كرتنا الى استقطاب أفراد أو مجموعات من أصحاب العضلات المفتولة العاطلين عن العمل ليقع توظيفهم عند الحاجة لتهديد النقاد وترويع الصحفيين المعروفين بجرأتهم ونقدهم اللاذع للسياسات الفاشلة لهذا المسير أو الاخر وهم ما يساهم حقا -بحسب كلام مهدي قاسم- في اتساع هوة المشاكل بين الاعلاميين وهؤلاء الذين جاءوا لتحقيق غايات اخرى على حساب الكرة التونسية التي يجب تطهيرها من أشخاص يريدون تحويلها الى مرتع يركض فيه «الباندية»
علم النفس، الدكتور عماد الرقيق: هذا أسلوب الضعفاء والفاقدين للثقة بالنفس..
ولمعرفة وجهة نظر علم النفس الاجتماعي اتصلنا بالدكتور عماد الرقيق الذي قال ان مردّ هذه التهديدات والاعتداءات أساسا هو قلة الثقة بالنفس وغياب ضمانات النجاح لوجيستيا ومعنويا وهو ما يجعل البعض ينزع الى منهج الترهيب. الرقيق قال أيضا ان أسلوب الميليشيات يعتمده من لا يعترفون بالضوابط والحدود في العمل ومن لا يؤمنون بأهمية النقد ولذلك صنفه كأسلوب للضعفاء لتكميم الأصوات المعارضة والتي ترتفع لتبرز الأخطاء والنقائص الواردة في كل عمل بشري.
إعداد: الصحبي بكار